بات مصير رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على المحكّ، حتى أن حياته السياسية شارفت -وفق مراقبين- على الانتهاء، مع بروز سيناريوهات متعددة غالبيتها ليست في صالحه، تضيق معها الخيارات المتاحة أمامه للبقاء على رأس الحكومة.
ومع قرار المستشار القضائي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، أفيحاي مندلبليت الخميس الماضي، اتهام نتنياهو بتلقي رشوة في الملف (4000)، واتهامه بالخداع وخيانة الأمانة في الملفين (1000) و(2000)، يكون قد اقترب من السجن أكثر.
القرار السابق يأتي بعدما عجز نتنياهو عن تشكيل حكومة للمرة الثانية، فحسب استطلاع القناة (13) أمس، فإن نسبة (56%) من جمهور الاحتلال يعتقد أنه لا يجب أن يستمر نتنياهو في منصبه، وأنه لو أجريت انتخابات سيحصل "أزرق أبيض" على (36) مقعدا مقابل (33) مقعدا لليكود، معها تطفو على السطح معارك الوراثة بداخل الليكود، فهل ستتم الإطاحة به؟
سيناريوهات وخيارات
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي د. نظير مجلي، أن نتنياهو في نهاية عهده، لكن كي يحصل ذلك فعليا يجب أن تكون هناك إجراءات قضائية، تتمثل بنزع الحصانة القضائية عنه.
وأوضح مجلي لصحيفة "فلسطين" أن الإجراءات ستمضي في اتجاهين الأول بمسار قضائي يثبت فيه مندلبليت خطورة التهم الموجهة لنتنياهو لمنعه من الترشح لرئاسة الحكومة، وهذه عملية مستقلة عن المسار السياسي الثاني الذي يشهد حربا بين نتنياهو وخصمه بيني غانتس الذي يحاول تشكيل حكومة في إطار الكنيست ولديه 21 يوما حتى يتمكن من ذلك، وفي حال فشل سيبقى الأمر بيد القضاء لمنع نتنياهو من الترشح من عدمه.
ومن السيناريوهات القائمة، وفق لمجلي، أن تمنع المحكمة العليا نتنياهو من الاستمرار بموقعه الحالي رئيسا للحكومة المؤقتة، لافتًا إلى أن ذلك وارد، خاصة وأن الأصوات المعنية بالذهاب للمحكمة تزداد، حتى أن المستشار القضائي نفسه يدرس إمكانية منع نتنياهو من البقاء في الحكم قانونيَّا.
كما أشار إلى أن توجيه لائحة اتهام لنتنياهو سينعكس على شعبيته التي تراجعت أمام منافسه غانتس، "لكن الأيام القادم ستوضح حجم الفارق بين الرجلين".
وبين مجلي أن لائحة الاتهام مكونة من ثلاثة ملفات تتضمن (62) صفحة، مشيرًا إلى أن مندلبليت الذي يعد رجل نتنياهو حاول التخفيف عن الأخير هو وطاقم التحقيق لكنه لم يستطع مع وجود قضايا فساد دامغة.
أما السيناريو الثاني فهو بروز قضية وراثة نتنياهو في حزب الليكود، ومن أبرز الأسماء المرشحة نير بركات، وجدعون ساعر، رغم أن الأغلبية الساحقة في الحزب تتصرف بجبن.
ويعتقد المختص بالشأن الإسرائيلي أن أمام نتنياهو ثلاثة خيارات: الأول الذي يعمل عليه بقوة حاليَّا هو إتمام صفقة مع النيابة الإسرائيلية لإعفائه من السجن مقابل الاستقالة، وحتى يصل ذلك يحاول تقوية مكانته الانتخابية، منبهًا إلى أن النيابة غير معنية بإتمام هذه الصفقة في الوقت الراهن.
أما الخيار الثاني، وفقًا لمجلي، فيتمثل بذهاب نتنياهو لعملية عسكرية، فذلك سيساعده في البقاء بمنصبه بإدخال (إسرائيل) في حالة طوارئ، لافتًا إلى أنه إذا ما فشل في تحقيق أي من الخيارين السابقين فلن يكون أمامه سوى الذهاب للسجن، "لذلك يسعى نتنياهو ليفرض على الكنيست عدم اتخاذ قرار بنزع حصانته".
صفقة القرن
وحول مصير صفقة القرن يرى مجلي أنه لا يوجد مجال للحديث عن صفقة القرن، في ظل عدم وضوح وضع الحكومة الإسرائيلية، لذلك ستبقى مجمدة مع الأزمة التي يعيشها نتنياهو، وكذلك أزمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع أوكرانيا.
ويعتقد أن أمريكا لا تستطيع طرح الصفقة دون وجود حكومة إسرائيلية مستقرة، فمفاهيم غانتس تختلف عن نتنياهو، فالأول يؤمن بضرورة التعاطي الإيجابي مع مبادرة "السلام" العربية، واستعد للتفاوض مع السلطة الفلسطينية، عكس نتنياهو الذي يبحث عن تهدئة وليس حلا.
وبين مجلي أن الفلسطينيين في حاجة ماسة للتخلص من حكومة نتنياهو، الذي يبني أرباحه على خسائر الشعب الفلسطيني، ولم يسبق أن مرت حكومة أشد عدوانية من عهده الأخير.
بدوره يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن نتنياهو يحاول تجنيب نفسه المثول أمام المحكمة، بعدما استجاب المستشار القضائي لتوصية نيابة وشرطة الاحتلال بتوجيه لائحة اتهام ضده، وخوض الانتخابات على رأس معسكر اليمين "أملًا بتشكيل الحكومة، مع تجييش كل اليمين خلفه للحصول على الحصانة حتى لا يذهب للسجن".
ولفت منصور لصحيفة "فلسطين" إلى أن نتنياهو سيقاتل حتى آخر لحظة ولن يذهب من تلقاء نفسه للسجن، لكنه قد يستقيل إذا ما قرر الليكود الإطاحة به.
كما لم يستبعد لجوء نتنياهو إلى تنفيذ عمليات عسكرية مع تعيين الوزير نفتالي بينت، وزيرًا للجيش، المعروف بتهوره، الذي قد يوظف الأزمة السياسية الداخلية للتصعيد، سيما مع تواتر الحديث عن تنامي التهديد في المناطق الشمالية لفلسطين المحتلة، وهذا من شأنه تمكين نتنياهو من تشكيل حكومة طوارئ للبقاء في الحكم.
وعن مصير صفقة القرن في ظل هذه التطورات، يرى منصور أنه وفي غياب الاستقرار السياسي ستتلاشى آمال طرح الصفقة، كما أن وضعها على الطاولة الآن لن يفيد نتنياهو "فإذا رفضها سيغضب أمريكا وإذا قبلها سيغضب اليمين المتطرف الذي لا يريد إعطاء أي دولة مستقلة للفلسطينيين بأي شكل من الأشكال".